عِنْد طُفُوْلَتِي كُنْت أَرَى آَبَاء أَصْدِقَائِي أَشْتَاق لِأَبِي المُغْتَرِب كَثِيْراً
كُنْت أُرِيْد إِكْتِسَاب شَيْئاً مِن شَخْصِيَتِه كُنْت غَالِبُاً مَا أُحَدِّقُ عَلَى الْرِّجَال الَّذِيْن يَسْتُضَيُفَهُم عَمِّي فِي مَجْلِسِه يَخْزِنُون وَتَبْدَأ امْسيْتِهُم مَع الْقَات تَارِكِيْن الْصَّلَوَات الْتَقِطُ بَعْضاً مَن الْوَرَق وأمَضَغُه ظَنَنْت أَنَّهَا رُجْوَلَه فَتُوَبِّخُنِي أُمِّي وَتَضْرِبُنِي..
اتَخَبَط فِي شَوَارِع مَدِيْنَتِي أَرَى الْرِّجَال يُدَخِّنُون وَالْتَقِط مَا يَقْذِفُوْنَه وَارْشُف مَا تَبَقَّى مِن سَجَائِرِهِم أُعْتُقِدَت بِأَنَّهَا رَجْوَلَه فَتُوَبِّخُنِي أُمِّي وَتَضْرِبُنِي..
كَبُرَت قَلِيْلاً وَكُتِبَت رِسَالَة لِأَبِي:
أَبِي إِشْتَقْت الَيْك كَثِيْراً
إِن كُنْت قَاسٍ مِثْل عَمِّي لَن أَكْرَهُك مِثْل أَبْنَائِه
أَو كُنْت مِثْل جَارَنَا تَصْرُخ عَلَيْه زَوْجَتُه وَتَطْرُدُه مِن الْمَنْزِل مَتَى شْائَت لَن تَصْغُر فِي نَظَرِي مِثْل أَبْنَائِه
أَو كُنْت مِثْل جَارَنَا الْآَخِر تَشْرَب الْكُحُوْل وَتُزْعَج الْآَخِرِين لَن اتْمَنَى مَوْتِك مِثْل أَبْنَائِه
أَبِي أُرِيْد أَن أُكْسِب شَخْصِيَّتِي شَيْئاً مِن شَخْصِيتِكْ الَّتِي تَحْكِي لِي أُمِّي عَنْهَا كُل لِيّلَه
وَلَكِنِّي أُمَزِّق الْرِّسَالَه بَعْد إِنْتِهَائِي مِن كِتَابَتِهَا وَدُمُوْع تَغْرَق جَسَدِي فَأَنَا اعْلَم أَنَّهَا لَن تَصِل الَى ابِي
عَلَّمَتْنِي أُمِّي جَيِّدَاً حَتَّى كَبُرَت وَالْيَوْم لَا أَدْرِي هَل أُمِّي مُحْقُه بِمَا عَلَّمْتَنِي
أَم أَن مَن حَوْلِي عَلَى حَق
الْأَنِي اخْتَلَط مَع الْبُسَطَاء وَاعْمَل مَعَهُم رُغْم تَرَف مَعِيْشَتِي يَعْتَبِرُونَنِي مُخْتَلاً عَقْلِيَّاً
الْأَنِي لَا أُخَزِن يَعْتَبِرُونَنِي لَسْت رَجُلاً وَعِنْدَمَا أَخْبَرَهُم أَن الْقَات حَرَام يَظُنُّوْن بِأَنِّي أُحَّسُدُهُم
الْأَنِي لَا أُحِب أَحَادِيْث الْغَيُّبَه وَالنَّمِيمُه وَرَائِحَة الدخَاخِين وَمُغازِلّة الْفَتَيَات يَظُنُّوْن بِأَنِّي لَسْت طَبِيْعِياً
لَا ادْرِي هَل عُقُوْلِهِم كَقِربَةٍ فَارِغْه
أَم أَن أُمِّي لَم تُعْلِمْنِي جَيِّدَاً فَأَصْبَحَت أَرَى نَفْسِي شَيْخاً وَهُم الْمَجَانِيْن..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق